الجمعة، 14 أغسطس 2009

احقا هو كذلك ؟؟

من الاشياء التي تستفزني في مجتمعنا الشرقي ظاهرة السير مع القطيع حتى ان ثقافتنا الشعبية تعمل على تذويت ذلك بسلوكياتنا من بدايات حياتنا وتربينا على ان من شلح ثوبه عري ... وحط راسك بين هالروس.... والموت مع الجماعة رحمة ... طبعا حتى وان كانت الجماعة قد تواترت الكبت العقلي وتوارثت العادة وان كانت خاطئة وجعلتها نهج سلوكي يمنع عصيانه او حتى نقده فصار صغارنا يكبرون ليلحقوا بالقطيع وصغارهم يكبرون ليلحقون بهم !!! وامتنا بذلك روح الابداع والفكر النقدي التجديدي ..وصار عار على المبدع ان يبدع وعلى الطفل ان يفكر وعلى المفكر ان ينتقد وقلنا للمبدعين انهم من زمرة خالف تعرف !!
هذا في ثقافتنا الشعبية .. لكن المصيبة الاشد ان ثقافة القطيع متغلغلة في ثقافتنا النخبوية او للدقة في من يعتقدون انهم مثقفوا النخبة او النخبة المثقفة !
لقد حزنت لموت الشاعر الفلسطيني محمود درويش ولاشك انه شاعر له من الاشعار ما يقلب المشاعر ويفجر الاحاسيس ويحث القارئ على ان يبحث عن ما وراء الكلمات !! ومثله كان توفيق زياد واميل حبيبي وغيرهم من ادباء وشعراء عرفوا بوجهتهم اليسارية والماركسية والاشتراكية وانتقلوا الى العالم الاخر ,,, حزني عليهم لن يمنعني ان اخوض المحرمات في شخوصهم وان افض غشاء عصمتهم وان اهرب بعيدا عن القطيع الذي يصنعه انصاف المثقفين ومعدومي الثقافة من بيننا
محمود كان شاعرا قيل انه في شعره ناضل ونقل من خلال الكلمة قضية شعب فهو مثل ليلى خالد ومثل ياسر عرفات ومثل احمد ياسين والرنتيسي وغيرهم ..... هو حارب بسلاح الكلمة وهم حاربو باسلوبهم الاخر .. هو نقل قضية شعب من خلال الكلمات وهم نقلوها من خلال اسلوبهم الاخر ... هذا ما قيل عن محمود درويش وهو كلام صحيح فكل قضية تحتاج لكل انواع الاسلحة وتحتاج لكل الجبهات حتى تنتصر وتحتاج لمحبي الحياة من اجل القضية ولمحبي الموت من اجلها ايضا .. تحتاج للفارس المغوار الذي يجهر بفروسيته وللجندي المغوار الذي يعمل من وراء الكواليس .. تحتاج لمفاوضي الفنادق وتحتاج لحاملي البندقية في الخنادق!! ومن حقهم علينا جميعا ان نتذكرهم دائما كلهم
لكن هل حقا نتذكرهم جميعا؟؟؟؟هل هناك من ذكرى سنوية يحييها الشعب الفلسطيني " لجنوده المجهولين" ؟؟هل نتذكر منسيين بيننا في السجون منذ عشرين سنة واكثر ؟؟؟هل نتذكر من فقد رجله او بصره او عقله خلال نضاله ؟؟؟ وكنت قاد شاهدت في تجوالي
ولفت نظري في بعض الدول التي قاومت النازية خلال الحرب العالمية الثانية وجود مقابر سميت " مقابر الجندي المجهول" وفي كل مرة يحيي الاوروبيون ذكرى نصرهم على النازية يتذكرون هولاء الجنود المجهولين قبل ان يتذكروا كبار الجنرالات والقادة الذين هزموا النازية
ولا اعرف يوم واحدا يحيي فيه المنتصرون على النازية ذكرى تشرتشل او روزفلت وان قاموا باحياء ذكرى جنودهم المجهولين ..
ولا ادري ان كان القطيع وطريقة صنع القطيع ستجعل معظمنا بعد مئة عام نذكر الجنود المجهولين ام الجنود المرموقين خاصة ان تاريخنا يكتب هو الاخر بمؤرخين من داخل القطيع واعلاميونا من القطيع وجلادنا يحافظ على القطيع من اي شاذ او هارب منه !! فهو يريدنا ان نتذكر او لا نتذكر نحيي او لا نحيي نقرا او لا نقرا ... يريدنا ان نكون جنرالات وشعراء مرموقين فالشاعر وان وصلت كلمته الفضاء ستعود للارض اما الجندي المجهول فهو الخطر الحقيقي على سير قافلة القطيع !!
وكما قالها مرة " شاعر القضية والمناضل الكبير " الذي اسمه اطلق على مدارسنا وشوارعنا قالها وهو يرتشف كاس ويسكي فاخر " منتصب القامة امشي مرفوع الهامة امشي " فسنبقى منتصبين ومرفوعي الهامة ولكن .... داخل قطيع